نجاح وليس إخفاق: انعكاس سياسات الشفافية وحرية تداول المعلومات على التنمية المستدامة فى مصر

شركاء من اجل الشفافية     

      مرصد سياسات الشفافية والنزاهة

  

نجاح وليس إخفاق: 

انعكاس سياسات الشفافية وحرية تداول المعلومات على التنمية المستدامة فى مصر 

ورقة سياسات    

إعداد

محمد عبد الهادي  

مقدمة

شهدت الدولة تحولا جديدا في إعادة تعريف دورها ووظائفها، في المرحلة الراهنة، كنتيجة مباشرة لسياسات العولمة والليبرالية الجديدة. وفي الدول العربية قد كان لاندلاع سلسلة الانتفاضات الشعبية وثورات “الربيع العربي” التي شهدتها المنطقة العربية، وهى الثورات التي رفعت شعارات المطالبة الحرية والعدالة الاجتماعية أكبر الأثر في تنامى الاهتمام بإعادة تعريف دور الدولة. وقد أثبتت خبرات الثورات العربية الأثر السلبي لانسحاب الدولة من المجال الاقتصادي لصالح الطبقات الرأسمالية الجديدة.

وفى إطار هذا الاهتمام بإعادة تعريف دور الدولة ووظائفها باتت الدعوة إلى التمكين المتبادل بين الدولة والمجتمع لتحقيق سياسات التنمية المرجوة أو أهداف التنمية المستدامة، تتضمن تفعيل التحول نحو الحوكمة والأخذ بتطبيقاتها، وتأسيس علاقة تعاون بين الدولة والمجتمع، ترتكز على؛ إن ثمة علاقة تفاعل وتأثير متبادل بين الدولة والمجتمع، وتلك هي المحدد الرئيسي في تلك العملية، بحيث؛ أن قدرة الدولة على انجاز التحول تزداد ما دام المجتمع في عونها، وتعتمد الدولة على مشاركته[1].

لذا تأتى  هذه الورقة الصادرة عن مرصد سياسات النزاهة والشفافية بمؤسسة شركاء من أجل الشفافية ، لتتناول  أطر الشفافية وحرية تداول المعلومات كأحدي تطبيقات الحوكمة وعلاقتها بالتنمية المستدامة من حيث أنها تساهم في نجاح وعدم إخفاق السياسات التنموية وبرامج الإصلاح الاقتصادي للدولة، وذلك في ظل مقتضيات بناء الدولة المتقدمة في مصر ورؤية 2030، ويرتبط بذلك هدف بناء الشخصية المتكاملة للمواطن الإنسان وتمكينه من خلال تعزيز قدرات الإدارتين العامة والمحلية، والعمل على تلبية حاجتي التحرر من الخوف والعوز وإطلاق روح المبادرة لكل مصري وكل مصرية.

هكذا تنطلق هذه الدراسة من خلال التحديات المؤسسية والتنموية الراهنة التي تشكل مستقبل مصر في محيطها العربي والأفريقي والدولي، وتعد محددة لمسار التطور في مصر في ضوء رؤية أهم ما يميزها أنها تتسم بالشمول، حيث أن ما يطبق على الجزء يمتد ليشمل الكل، فمجموع الأفراد والمؤسسات يشكل المجتمع والدولة، ويمكن عرضها على النحو التالي:

  1. فهم أن التنمية المحلية هي التي تضمن النمو والتوزيع العادل للموارد، وتوسيع خيارات البشر في العيش في ظل حياة كريمة، ومشاركة المجتمعات المحلية لتعزيز فرص التنمية المستدامة، والتوسع في تطبيق اللامركزية مع مراعاة التنوع الواسع في الأهداف لأفراد المجتمعات المحلية، وهذا يحقق النهوض والارتقاء المجتمعي وتعليم قيم الإنتماء والمساواة والشعور بالمسئولية المجتمعية التي تحافظ على أمن المجتمع واستقراره، وتمكين المواطنين فى نفس الوقت.
  2. فهم الدور الواضح والفاعل للمعلومات بمختلف أفرعها وأدواتها وتكنولوجياتها في عملية صنع السياسات العامة وإتخاذ القرار الرشيد بالنظام السياسي وإدارة شئون الدولة والمجتمع، بما يهيأ الفرصة لإصلاحات واسعة النطاق في جميع المسارات التنموية الأخرى بالدولة.
  3. التأكيد على أن التقدم مفهوم شامل يستهدف تحقيق منظومة مترابطة من الغايات التي لا تقبل الانتقائية أو التجزئة، ويتطلب ذلك جهداً وطنياً لشركاء التنمية، فالتقدم الذي يجدر بنا أن نتطلع إليه يتضمن أهداف: تحقيق الكفاءة الاقتصادية، وتحقيق التنمية التكنولوجية المستدامة، وإنتاج التقنية الحديثة، والارتقاء بنوعية تعليم وصحة وحياة الإنسان، وتحقيق الأمن للبشر، وارتقاء المكانة الدولية.

بهذا المعنى تتسق أهداف تحليل سياسات الشفافية والحق في الحصول على المعلومات في الجوانب التنموية والاقتصادية بغرض الإصلاح المؤسسي والهيكلي مع كلا من:

  • أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
  • المقومات الأساسية الدستورية للمجتمع في مصر (باب المقومات الأساسية)، وتوجه الدولة نحو اللامركزية في المواد 176، 177، 218 في الدستور.
  • رؤية مصر 2030.
  • برنامج الحكومة المصرية 18/ 2019 – 21/ 2022.
  • مشروع تعزيز الشفافية والنزاهة في الخدمة العامة (2009-2030).

في ضوء ذلك تتناول هذه الورقة البحثية؛ العلاقة بين رؤية مصر (2030) للتنمية المستدامة والشفافية في حرية تداول المعلومات فيما يرتبط بمجالات التنمية، ومناقشة متطلبات الوصول إلى الشفافية وحرية تداول المعلومات وضرورات الإصلاح الهيكلي في سبيل تعزيز الشفافية وحرية تداول المعلومات؛ من خلال الاتجاهات الدولية وتحليل الإطار الدستوري للجوانب والأبعاد التي تهيأ لإعمال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في ارتباطهم بالبيئة، ورؤية (2030) في مصر بما يتواكب مع ضرورة تعزيز التحول نحو الدولة التنموية، وصولاً إلى تقديم تصور حول مستقبل الحوكمة والشفافية وحرية تداول المعلومات في ظل الحاجة إلى المزيد من تطبيقات الحكومة المنفتحة لكونها تمثل تجسيدا لحق الحصول على المعلومات في مجالات إدارة التنمية بمعنى تمثل البيئة الإدارية الداعمة لتفعيل هذه المبادئ وضمانة لعدم إخفاق برامج وسياسات التنمية على المستويين القومي والمحلى وبدونها لا يكتمل الحديث عن التنمية المستدامة، وبما يساهم ذلك في تعزيز الشفافية والنزاهة في الخدمة العامة وتحقيق رؤية مصر (2030)، ومن ثم استعراض أهمية وصور المشاركة المحلية الداعمة لتوطين أهداف التنمية المستدامة، ودور المجتمع المدني في ذلك.

أولا: العلاقة بين رؤية مصر (2030) للتنمية المستدامة وحق الحصول على المعلومات

تعرف التنمية المستدامة من بين تعريفاتها المتنوعة بأنها تلك العملية التي يشترك فيها الأطراف المختلفة أو شركاء التنمية (القطاع العام، القطاع الخاص، المجتمع المدني)، لتحقيق المقومات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمع في ارتباطها بالبيئة والتي ينتج عنها تنمية تتسم بالاستدامة، وهى بذلك عملية يتمثل هدفها في تحسين نوعية الحياة للمواطنين والحد من الفقر والتهميش الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في إطار رؤية لإعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بمعناها الدستوري والتنموي، مع مراعاة جوهر الاستدامة الذى يتمثل في التوجه نحو المستقبل المحافظة على البيئة وأخذ مصير الأجيال المقبلة في الاعتبار في أي خطط برامج أو مشروعات للتنمية، أي بدون إضرار بالبيئة وإهمال لمتطلبات الأجيال القادمة[2].

وتنقسم إستراتيجية مصر (2030)، إلى (3) أبعـاد رئيسـية تشـمل البعـد الاقتصادي والبعـد الاجتماعي والبعـد البيئي، وتتضمن (12) محورًا رئيسيًا، تشمل محور التعليم، والابتكار والمعرفة والبحث العلمي، والصحة، والعدالة الاجتماعية، والشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية، والتنمية الاقتصادية، والتنمية العمرانية، والطاقة، والثقافة، والبيئة، والسياسة الداخلية، والأمن القومي والسياسة الخارجية[3].

ويمكن إيضاح الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في رؤية (2030) في الجدول التالي[4]:

وتضمن البعد الاقتصادي في المحور الرابع “الشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية” وقد ذكرت رؤية التنمية المستدامة في هذا الشأن أنه بحلــول عــام 2030 يصبــح الجهاز الإداري جهــازاً كــفء وفعــال، يحســن إدارة مــوارد الدولــة ويتســم بالشــفافية والنزاهــة والمرونــة ويخضــع للمســاءلة ويعــي مــن رضــاء المواطــن ويتفاعــل معــه ويســتجيب لــه[5].

أما مؤشرات قياس أداء الشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية حتى عام 2030، فقد اشتملت النتائج المستهدفة على؛ كفاءة الحكومة، والحكومة المستجيبة، وإنفاذ القواعد التنظيمية، ومكافحة الفساد، والشفافية في صنع السياسات. بينما البرامج التي تعنى بالشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية حتى عام 2030، فتتمثل فيما يلى[6]:

  1. تطوير منظومة إدارة القطاع الحكومي.
  2. تطوير منظومة التخطيط والمتابعة.
  3. تحسن وتطوير آليات التواصل بين الحكومة والمواطن.
  4. تطوير منظومة إدارة الموارد البشرية.
  5. تحديث البنية التشريعية للدولة.
  6. تطوير البنية الأساسية للجهاز الإداري للدولة.
  7. تحديث البنية المعلوماتية للجهاز الإداري للدولة.
  8. تنمية العنصر البشري بالجهاز الإداري للدولة.
  9. تطوير الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين.
  10. مكافحة الفساد في أجهزة الدولة.

ثانيا: مقومات الإصلاح المؤسسي في مجال الشفافية وحرية تداول المعلومات في مصر

إن هناك مجموعة من المقومات لتحقيق الإصلاح المؤسسي أو الهيكلي في مجال الشفافية وحرية تداول المعلومات، وبما ينعكس على تحسين الإدارة العامة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، تتمثل هذه المقومات في الركائز والاتجاهات الدولية لحق الحصول على المعلومات، والإطار الدستوري للحوكمة وشفافية المعلومات.

  • الاتجاهات الدولية ومبادئ منظمة المادة (19):

إن إتاحة حق الإطلاع والحصول على المعلومات في مجال السياسات التنموية المقترحة وتداولها بين المواطنين له أهمية من حيث؛ صنع وإتخاذ القرارات من بين عدة بدائل وخيارات، ومناقشة السياسات ومشروعات القوانين، ومراقبة أداء الإدارتين العامة والمحلية وكشف الفساد، وتيسير الاستثمار وإقامة المشروعات، هكذا فأن الحق في الحصول على المعلومات يؤثر بشكل مباشر على الحد من انتشار الفساد بحيث تضمن وجود رقابة شعبية في المستويات المحلية على أداء الأجهزة التنفيذية والمجالس المحلية ذاتها، وتساعد على بناء الثقة بين المواطن والحكومة، وأخيرا تكرس ثقافة وآليات حرية تداول المعلومات في المرافق العامة ومؤسسات المجتمع[7].

تتضمن معظم اتفاقيات مكافحة الفساد وحماية البيئة أحكاماً تطالب موقعيها بتبني قوانين حول حق المواطنين في المعلومات سواء أن تقوم الدولة بأخذ التدابير اللازمة لمكافحة الفساد، أو من أجل التنمية المستدامة[8]. وتشريعيا قد أصبح حقا دستوريا في العديد من دول العالم، وقد تتضمن كذلك في قوانين، خاصة تلك التي تعنى بحق الصحافة والمواطنين في الوصول إلى المعلومات (FOIA)  .[9]Freedom of Information Act

إلا أن هذا الحق تواجهه عدة قيود ومحددات المقبولة في إطار تنظيم استخدام الحق، وأبرز هذه القيود تتمثل في مبادئ تشوانى[10].

وقد عملت منظمة المادة 19 (حق الجمهور في المعرفة) على مبادئ في التشريعات المتعلقة بحرية الإطلاع والحق في تداول المعلومات، وتمثل تلك المبادئ الحد الأدنى الواجب توافره في قوانين حرية تداول المعلومات في أي دولة، ويمكن الاسترشاد بها كأفضل الممارسات في حال صياغة قانون مصري حول الحق في تداول أو الحصول على المعلومات، وهذه المبادئ هي[11]:

  1. إستدلال تشريعات حرية تداول المعلومات بمبدأ أقصى درجات الإفصاح.
  2. إستباق الجهات الحكومية بنشر المعلومات الأساسية.
  3. تعزيز الحكومة المنفتحة بشكل فعال.
  4. الاستثناءات في حق تداول المعلومات مبنى على نحو واضح وأدق نطاق واختبار مدى إضراراها بالمصلحة العامة.
  5. سرعة وحيادية التعامل مع طلبات المعلومات، وتوافر مراجعة مستقلة لأي رفض لإتاحة المعلومات.
  6. التكلفة الباهظة لا تمنع الأفراد من تقديم طلبات معلومات.
  7. اجتماعات الهيئات الحكومية مفتوحة للمواطنين لا تقتصر على الوثائق وإنما تمتد إلى المناقشات وعمليات صنع القرارات.
  8. تعديل أو إبطال القوانين التي تتنافى مع مبدأ أقصى درجات الإفصاح.
  9. حماية من يكشف عن معلومات متعلقة بفعل فيه اعتداء أو انتهاك لحقوق الإنسان.

وذلك يرتبط بمدى شفافية الموازنة العامة للدولة، حيث أن مسألة إتاحة المعلومات وشفافية الموازنة في مصر ما زالت منتقصة، وذلك بالرغم من وجود التزامات على مصر في توفير وإتاحة المعلومات وإشراك المواطنين بشكل فاعل عن طريق تعزيز الشفافية وإتاحة المعرفة، من هذه الالتزامات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي وقعت عليها مصر وتعتبر من أوائل الدول وتم التصديق عليها من قبل رئيس الجمهورية والبرلمان عام 2004 وبدأ العمل بها اعتبارا من 14 ديسمبر 2005، والتي تنص في المادة 13/”أ” و”ب” على “تعزيز الشفافية فى عمليات اتخاذ القرار وتشجيع إسهام الناس فيها” و”ضمان تيسر حصول الناس فعليا على المعلومات”[12]، ويشجع الأخذ بالشفافية على حرية تداول المعلومات ومكافحة الفساد والقدرة على الرقابة مع المحاسبة ومشاركة المواطنين والانفتاح السياسى، إلا أن ذلك فى الواقع لم يساهم فى تهيئة بيئة من الشفافية فى مصر[13].

  • الإطار الدستوري للحوكمة والشفافية وحرية تداول المعلومات:

ترتبط الحقوق الدستورية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بتحقيق تكافؤ الفرص في الاحتياجات الأساسية ودعمها كمجال تنموي ومؤشر للثقة السياسية بين المواطن والحكومة. ومن خلالها فقط يدرك المواطنين توجه الدولة أن كان فيه انحياز تجاههم والنظام يعمل لصالحهم من عدمه، وتُجمع العديد من الأدبيات أن من أهم عوامل تعزيز العدالة الاجتماعية، تتمثل فى التنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى ارتباطها بالبيئة والتي تتمثل أهدافها فى تلبية احتياجات المواطنين واتخاذ سياسات عامة تعالج إخفاقات التنمية، وتراعى كافة فئات حقوق الإنسان، على نحو يسمح بالتمتع بهذه الحقوق[14].

وقد بين الدستور المصري الصادر في العام (2014) أن تكفل أو تلتزم أو تعمل الدولة على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية باعتبارها المقومات الأساسية للمجتمع، ويقع على السلطة التنفيذية وفروعها فى الدستور عبء إنفاذ هذه المقومات للمواطنين. وقد نص الدستور المصري الصادر في عام 2014 في الباب الثاني منه بعنوان “المقومات الأساسية للمجتمع” عبر ثلاثة فصول تتمثل فى “المقومات الاجتماعية” و”المقومات الاقتصادية” و”المقومات الثقافية”، وأورد عبر المواد من المادة (7) وحتى المادة (50) على حزمة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

إلا أن إنفاذها لا يحدث دون اتخاذ التدابير اللازمة وتوفيرها لإعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عن طريق تعبئة جهود المجتمع، ودعم إجراءات تحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز المشاركة والمساواة الإقليمية وتفعيل النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد، وذلك يُفضى فى الواقع العملى إلى أفضل الممارسات فى تعزيز تمتع جميع المواطنين بدون تمييز بهذه الحقوق، مع الأخذ فى الاعتبار قدرات وإمكانيات الدول[15].

وهذا ما قد تناوله الدستور فى المواد أرقام (27) و(68) و(78) و(177) و(218) و(236) التي ترتبط بفئة الحقوق هذه وبمثابة محددات لها، وتؤدى إلى إنفاذها أو تهيأ البيئة الإدارية والاقتصادية لإعمالها، ويمكن استعراض مضمونها كما يلى[16]:

  • حيث أشارت المادة (27) فى فصل المقومات الاقتصادية من الدستور المصري إلى الحوكمة وارتباطها بالتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، على أن يلتزم بتطبيقاتها النظام الاقتصادي بغية تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهذا يعد متطلباً هاماً لتحقيق وتطبيق الحوكمة فى مصر.
  • وترتبط المادة (68) الخاصة بشفافية المعلومات بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كما ارتباطها بالحقوق والحريات العامة، وقد نصت على أن المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للمواطنين، والإفصاح عنها والحصول عليها حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وفق ما ينظمه القانون من قواعد وضوابط الحصول عليها وسريتها وحفظها.
  • أما المادة (78) فقد جعلت الكرامة والعدالة الاجتماعية شرطاً لإنفاذ الحق فى السكن من خلال أن تكفل الدولة للمواطنين الحق فى المسكن الملائم والآمن والصحي، بما يحفظ الكرامة الإنسانية ويحقق العدالة الاجتماعية.
  • كما ذكرت المادة (177)؛ أن تكفل الدولة توفير ما تحتاجه الوحدات والمجتمعات المحلية من تطوير ومعاونة علمية، ولوجستية، وإدارية، ومالية، مع ضمان التوزيع العادل للمرافق، والخدمات، والموارد، والعمل على تقريب مستويات التنمية، وتحقيق العدالة الاجتماعية بين هذه الوحدات، طبقًا لما ينظمه قانون الإدارة المحلية.
  • أما المادة (218) ضمن “الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية” من الفصل الحادي عشر، فقد نصت على التزام الدولة بمكافحة الفساد وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، فى إطار تنسيق الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة فيما بينها، مع وضع ومتابعة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية.
  • أما المادة (236) فى باب الأحكام العامة والانتقالية فقد ألزمت الدولة بالربط بين التخطيط العمراني والتنمية الاقتصادية مع الأخذ فى الاعتبار أبعاد وتنوع المكونات الثقافية والبيئية للمجتمعات المحلية، وذلك من خلال؛ وضع وتنفيذ خطة للتنمية الاقتصادية والعمرانية الشاملة للمناطق الحدودية والمحرومة فى الصعيد وسيناء ومطروح والنوبة، وأولوية استفادة أهالي هذه المناطق من عوائد ومشروعات التنمية.

بعد هذا الاستعراض يمكن إيجاز الملاحظات التالية فيما يتعلق بالإطار الدستوري للعلاقة بين التنمية المستدامة وحق الحصول على المعلومات[17]:

  1. أفرد الدستور فى خمسة مواد ذكر العدالة الاجتماعية ولكن بمعاني مختلفة، ففي المادة (8) ذكر التزام الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية كصورة للتضامن الاجتماعي، وفى المادة (27) اعتبرها هدفا لتحقيق الرخاء الاقتصادى، بينما عدها فى المادة (38) من ضمن أهداف السياسة الضريبية والمتحصلات العامة، بينما فى المادة (78) اصبحت كفالة شروط المسكن المناسب أساس للكرامة الإنسانية ومطلب للعدالة الاجتماعية، أما فى المادة (177) فقد اقترنت العدالة الاجتماعية بالتنمية فى ضوء ما تكفله الدولة للوحدات المحلية من دعم وموارد، والرؤية غير الواضحة تلك تنعكس سلبا على صياغة برامج وسياسات للعدالة الاجتماعية فى مصر.
  2. إن قطاعات التعليم والصحة والبحث العلمي صارت لها استحقاقات دستورية بمخصصات مالية لا تقل عن نسب محددة إلا أن المشكلة ليس فقط فى ما قد يثور من وجهات نظر تتحفظ على هذا التخصيص النسبي، وإنما كذلك أن استيفاء الحقوق الدستورية أو التحقيق الفعال للاستحقاقات الدستورية التي تتعلق بزيادة الإنفاق، مما يتطلب تعديل فى منطومة إدارة وتوزيع الإنفاق العام وهو ما لا يمكن تحققه إلا بوجود منظومة جديدة لإعداد ومتابعة تنفيذ والرقابة على الموازنة العامة للدولة.
  3. إن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى ارتباطها بمستويات حياة المواطنين لا بد من أن يقترن تحقيقها بتحسين الخدمات العامة ومكافحة الفساد وإعلاء النزاهة والشفافية والمساءلة، وحددت المادة (218) استراتيجية الدور الرقابي فى ذلك إلا هناك تباطؤ نحو تفعيل هذا الغرض.

يتضح مما سبق أن الدستور المصري قد تضمن نصوصاً واضحة وصريحة تتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والحقيقة عند النظر للواقع، يمكن القول بأنه هناك فجوة بين التشريع والممارسة، حيث أن الحالة المصرية نموذجا واضحا على عدم إمكان قيام نص دستوري بضمان استيفاء الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ فعلى الرغم من النصوص الدستورية التي تحدد مجموعة هذه الحقوق بل والإنفاق على بعضها كنسبة من الناتج القومى الإجمالي، فلا يزال الاستيفاء الكامل لها غائبا عن الواقع المصري، لأسباب لا تتعلق فقط بإتاحة الحق بل بأدوات النفاذ الكامل له[18].

أذن تعد الناحية التشريعية لإتاحة الحصول على المعلومات فى السياسات التنموية، بمثابة الجانب المؤسسي للحق والحصول عليه، وفى هذا السياق تتزايد أهمية وضرورة الإصلاح المؤسسي بما يراعى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياق الثقافي، ويعزز من التوجه نحو الحوكمة والشفافية وحرية تداول المعلومات، جنبا إلى جنب مع الإصلاح الاقتصادى، ولا بد من أن يقترن تحقيق ذلك بتحسين السياسات العامة ومكافحة الفساد وإعلاء النزاهة والمساءلة.

ثالثا: مقترح محددات البيئة الداعمة لتفعيل الشفافية وحرية تداول المعلومات فى مصر

فى إطار الاهتمام بإعادة تعريف دور الدولة والدعوة إلى التمكين المتبادل بين الدولة والمجتمع لتحقيق التنمية، فأن تفعيل الحوكمة وشفافية المعلومات لن يتأتى إلا من خلال تبنى مفاهيم والمزيد من تطبيقات الحكومة المنفتحة Open Government، ويتناول هذا المحور من الورقة البحثية إلقاء الضوء على تعريف وأهم مبادئ الحكومة المنفتحة.

مبادئ الحكومة المنفتحة

قامت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية بتعريف الحكومة المنفتحة على أنها “الالتزام بمبدأ الشفافية فى الإجراءات الحكومية وسهولة الحصول على الخدمات الحكومية والمعلومات، وقدرة الحكومة على الاستجابة للأفكار الجديدة والمطالب والاحتياجات”[19].

وتتمثل أهم مبادئ الحكومة المنفتحة فى[20]: الشفافية وتوفير معلومات وبيانات كافية وموثوق بها عن أنشطة ومجالات عمل الحكومة وإتاحتها للجمهور، مساءلة ومحاسبة المسؤولين عن أعمالهم، والانفتاح والاهتمام بآراء المواطنين والجهات المختلفة وأخذها بعين الاعتبار عند صنع وتنفيذ السياسات العامة.

أما فوائد الحكومة المنفتحة فتعد جوهرية متبادلة بين الحكومة والمواطنين على حد سواء، حيث أن الشفافية والانفتاح حول الوصول للمعلومات يضمن؛ المشاركة فى الحوار وصنع القرار، زيادة المساءلة والحد من الفساد وكفاءة إنفاق الموارد العامة، ترسيخ الثقة وتحسين إجراءات كسب الثقة بين المواطنين والحكومة، الالتزام بسيادة القانون واحترامه، جعل الحكومة تعمل على نحو أفضل وتساعد فعالية نقل وتنظيم المعلومات وإتاحتها وإدارتها مما يزيد وعى المواطنين بالسياسات والقرارات بحيث تلائم احتياجات المواطنين، والوصول إلى الخدمات بشكل أفضل وأن تخبر الحكومة المواطنين بالخدمات وكذلك توزيع المعلومات كجزء من الخدمات.

وجدير الذكر إن خلق ثقافة الانفتاح هي خطوة أساسية نحو خلق نظام حكومي منفتح وفعال، فيجب إقناع السياسيين والمسئولين الحكوميين بقيمة إتاحة المعلومات قبل إيمانهم أنها ستساعدهم فى حكم أفضل، وفى الوقت نفسه يجب توعية المواطنين بالحق فى تداول المعلومات وكيفية استخدام هذا الحق ومن خلال ذلك فقط سيبدءون فى توقعه والمطالبة به.

يعتمد الأسلوب الصحيح فى الحكومة المنفتحة على مرتكزات ثلاثة: أولا تواجد الإرادة السياسية، وثانيا تدريب وتأهيل الكوادر الإدارية على أن يلتزموا بنظم الحكومة المنفتحة، وأخيرا مشاركة قطاعات المجتمع بما يتضمنه من فئات شعبية ومنظمات مجتمع مدني وأحزاب سياسية. وتتمثل مجالات الحكومة المنفتحة فيما يلي[21]:

  1. الإفصاح الاستباقى بما يعنى استباق نشر المعلومات وبالتالي الاستجابة لاحتياجات المواطنين من المعلومات بشكل جماعي وليس فردى، مما ييسر الحصول على المعلومات للمواطن، ويقلل الأعباء الإدارية والقدرة على تلبية طلبات الحصول على المعلومات، ويساعد الإدارة العامة والمحلية فى التعرف أكثر على الجماهير، وسهلت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تنظيم ونشر أكبر قدر من البيانات الحكومية، وتسمح مبادرات المعلومات المفتوحة بعرض المعلومات بطرق مفيدة للجمهور على المستوى المحلى، ومن المفيد بجانب التقنيات الرقمية هذه، أن يتم نشر المعلومات بالطرق الأكثر تقليدية مثل لوحات الإعلان والمنشورات والمطويات والإذاعة والتلفزيون المحليين وكذلك الداخلية منها أن وجدت.
  2. قوانين الحق فى المعلومات التي ترسخ الحق القانوني للمواطنين فى الوصول إلى المعلومات التي يريدونها. قوانين الحق فى تداول المعلومات: ويؤسس هذا الحق الدستوري/ القانونى للمواطن للوصول للمعلومات التي يرغبون فيها.
  3. الشفافية الاستباقية بحيث تنشر الحكومات أكبر قدر ممكن من المعلومات. ويلزم هذا الحكومة أن تقوم بنشر أكبر قدر ممكن من المعلومات فى شكل يعزز إتاحتها.
  4. نظم البيانات المفتوحة التي تتيح لأي فرد بأن يعيد استخدام البيانات على نحو ملائم له.

لذا فأن منهجية البيانات المفتوحة تمكن من إعادة تنصيب البيانات الحكومية فى نماذج تعزز معلومات متاحة وقابلة للاستخدام.

يجب الإشارة إلى أن المعايير السابقة غير منفصلة وهي مرتبة بشكل متزامن؛ حيث تعمل على نحو متكامل، وكلما زاد تطبيقها على نحو جيد كلما اتجهت الحكومة نحو الانفتاح والشفافية. ومن ثم توجد ثلاث درجات أو مراحل على الانفتاح، وذلك على النحو التالي[22]:

  • الحد الأدنى: إعتراف الحكومة المنفتحة بالحق فى تداول المعلومات ضمن القانون، وتوجد آلية قانونية تسمح للمواطنين طلب المعلومات والتي تتطلب على الأقل نشر التصنيفات الأساسية للمعلومات.
  • الأكثر تقدماً نحو الانفتاح: إطاراً قانونياً متطور يكفل الحق فى تداول المعلومات ويقدم آلية لضمان تفعيل هذا القانون، ويتعين على الحكومة أن تقوم طواعية بنشر بيانات أكثر من التصنيفات الأساسية للمعلومات.
  • الحد الأقصى من الانفتاح: يتضمن نظم طلب سريعة ونظم نشر استباقية متقدمة تشمل بوابات المعلومات المفتوحة ونظم حديثة لإدارة معلومات.

رابعا: المشاركة المحلية فى توطين أهداف التنمية المستدامة

يهتم هذا الجزء من الدراسة بتحليل صور المشاركة المحلية للمواطنين وتفعيلها كمطلب لسياسات الشفافية والحق فى الحصول على المعلومات، وإيضاح دور منظمات المجتمع المدني فى هذا الشأن.

  • صور المشاركة المحلية:

تتمثل أهمية زيادة مشاركة المواطنين من خلال المجتمعات المحلية فى أنها ترسخ من مبادئ الديمقراطية والمواطنة محليا بغض النظر عن الأسس الطبقية أو الأثنية أو القبلية والعائلية أو النوع الاجتماعي، وخاصة عند تمثيل جميع الفئات التي كانت مستبعدة (المرأة والشباب والمسيحيين والأشخاص ذوى الإعاقة). أيضا تؤدى المشاركة المحلية إلى تأهيل كوادر محلية، وتبدو الضرورة لوجود هذه الكوادر المدربة والمؤهلة لتعمل بفاعلية ووعى ناقد فى شئون مجتمعاتها المحلية وتساهم فى تحديد وتلبية الاحتياجات المجتمعية للمواطنين فى الوحدات المحلية، وبالتالي تزداد قدرتها على المشاركة والتأثير والتعامل مع تعقد السياسات لتقوية الإدارة المحلية بما يفيد تعظيم الاستفادة من أهداف وبرامج التنمية المستدامة، وهذا ما يمكن أن توفره منظمات المجتمع المدني من خلال برامج التربية المدنية أو التعليم المدني[23].

تجدر الإشارة إلى أن نماذج أو صور مشاركة المواطن فى العمل المحلى، هي: مشاركة المواطنين كناخبين أو نواب محليين أو مسائلين عن أداء الخدمات المحلية، أو بمعنى آخر المشاركة فى الانتخابات المحلية والتمثيل فى المجالس المحلية المنتخبة وممارسة المساءلة الاجتماعية، أي أن المشاركة المحلية بصورها الثلاث تعد حق وعملية فى آن معا وتجعل المواطن فاعل محلى وجميعها منظمة تشريعيا، كما أن التوسع فى دستور 2014 فى أدوات الرقابة للمجالس المحلية وتمثيل فئات كانت مستبعدة من الترشيح والمشاركة يعد خطوة هامة نحو تمكين محلى[24].

وبالرغم أن الدستور قد حدد الفئات التي لها حق الترشح فى الانتخابات المحلية المقبلة، إلا أن هناك معوقات تواجه مشاركة المواطنين فى هذه المجالس المحلية، يجب مراعاتها فى تصميم البرامج التدريبية لتأهيل الكوادر المحلية، منها: اعتبارات الارتباطات العصبية (القبلية والعائلية)[25]، وقلة تمويل الحملات الانتخابية لبعض الأحزاب السياسية[26].

  • المجتمع المدني وتشجيع المشاركة المحلية:

بالنظر إلى سمات العلاقة بين المجتمع المدني والوحدات المحلية فأن قيام عدد من منظمات المجتمع المدني بوظائف الإدارة المحلية جعلها تكتسب ثقة المواطنين فى المجتمعات المحلية، وهذا يعد فرصة لتعزيز مشاركة المواطنين فى ظل وجود الجمعيات والمؤسسات الأهلية[27]. كما انعكست التطبيقات التكنولوجية الحديثة على تيسير التواصل الاجتماعي فى العمل المحلى وازدياد التركيز على قضية محلية واحدة بدلا عن التنوع فى القضايا وهذا يفيد فى التوصل لبدائل ومعالجة المشكلة المحلية محل النقاش والتفاعل وكذلك إنجاح الحملات بصدد هذه القضية الراهنة[28].

وفيما يتعلق بكيفية إشراك وتمكين المجتمع المدني محليا لتحقيق مشاركة المواطنين الفعالة فتتمثل فى[29]: الإطار التشريعي الذى يحدد السلطات والموارد المالية للمستوى المحلى، ثم الممارسات التشاركية للإدارة المحلية، كذلك القيم المدنية السائدة وهنا يأتي دور برامج التربية المدنية فى نشر وترسيخ قيم التنوع والثقة بين المواطن والحكومة.

ويقينا أن مشاركة المواطنين فى العمل المحلى، لا بد أن تنطلق من دعم الشراكة بين المجالس المحلية والجمعيات والمؤسسات الأهلية، وتفعيل مبادرات الأفراد، وذلك يعزز من إندماج المواطنين ويوسع من مشاركتهم فى الوحدات المحلية[30].

ويجب الاهتمام فى هذا الصدد بأن يتم التركيز فى برامج التربية المدنية على توعية المواطنين وتقديم المعارف الأساسية، والتمكين من مهارات تنمية مشاركة المواطنين، وتغيير الاتجاهات بشكل إيجابي[31].

توصيات: نحو تعزيز شفافية المعلومات فى برامج التنمية المستدامة

فى سبيل الوصول إلى الشفافية وإتاحة المعلومات ضمن الإصلاح المؤسسي والهيكلي للإدارتين العامة والمحلية، وبما يعزز من نجاح سياسات الإصلاح الاقتصادى وتحقيق التنمية المستدامة المنشودة فى مصر، تستخلص ورقة تحليل السياسات هذه وبالاعتماد على بعض من أهم أدبيات وتقارير علمية سابقة اهتمت بهذا الجانب من شفافية المعلومات فى علاقتها بالتنمية والاقتصاد[32]، حزمة توصيات لأبرز الفاعلين أو الأطراف ذات الصلة التي تتمثل فى كلا من البرلمان والحكومة والأجهزة الرقابية ومنظمات المجتمع المدني والمواطنين، وذلك كما يلى:

  • إصدار قانون ينظم الحصول على المعلومات يتيح الاعتراف بالحق فى حصول على البيانات والمعلومات الصحيحة وفقا للمعايير الدولية، ووضع معايير للإفصاح، مع مراعاة التوازن الدقيق بين حرية تداول المعلومات والأمور المرتبطة بالأمن القومى للدولة وضمان توفر المعلومات الدقيقة فى مواقيتها من أجل توسيع وزيادة المشاركة والرقابة والحد من الفساد وتعارض المصالح هذا من جهة، والمساعدة على اتخاذ القرارات الرشيدة فى السياسة العامة من جهة أخرى.
  • ضرورة مراجعة وتنقية القوانين القائمة ذات الارتباط بمنظومة الشفافية وتداول المعلومات فى إطار من التكامل التشريعي، ومنها على سبيل المثال: القوانين أرقام 35 لسنة 1960 فى شأن التعداد والإحصاء، والقانون رقم 87 فى شأن التعبئة العامة والقوانين المعدلة له، والقانون رقم 121 لسنة 1975 بشان المحافظة على الوثائق الرسمية للدولة وقرار رئيس الجمهورية رقم 627 لسنة 1981 بشان إنشاء مراكز المعلومات والتوثيق فى الأجهزة الإدارية للدولة والهيئات العامة.
  • مع العمل على إنشاء آلية قانونية لتنظيم حصول الأفراد على المعلومات وتداولها.
  • تحفيز وإثابة المسئولين والموظفين فى الجهاز الحكومي ممن يقوموا بأداء هذا الحق على أكمل وجه.
  • المزيد من شفافية المالية العامة للدولة، ومثلا تضمين قانون الموازنة رقم 53 لسنة 1973 وتعديلات باب جديد عن شفافية الموازنة.
  • توفير الحماية للشهود والمبلغين، حيث يعتبر التبليغ عن جرائم الفساد من الحقوق الأساسية للإنسان التي كفلتها المواثيق الدولية والوطنية.

الخاتمة

هكذا يمكن إعادة تكييف دور الدولة التنموي وصياغة برامج وسياسات التنمية المستدامة فى أبعادها المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بما يهيأ ويضمن الفرصة لتفعيل دور شركاء التنمية (الدولة، والمجتمع المدني، والشركات أو المنشآت الربحية) عند وضع وصياغة برامج القطاعات التنموية المختلفة، وتسخير مشاركاتها لتعزيز جهود الدولة التنموية، وعلى النحو الذى يسمح به الدستور ورؤية (2030).

وفى سبيل نجاح رؤية مصر (2030) وعدم إخفاقها أو تعثرها وتحقق أهداف التنمية المستدامة، تتأكد ضرورة العمل على تحسين السياسات العامة والأخذ بأفضل الممارسات بما يعزز من التنمية والأمن الإنساني، وتوجيه الدولة لإداراتها العامة والمحلية لتطوير الخدمة المدنية ومواكبة التطورات التكنولوجية والتحولات الرقمية الراهنة، مع تعزيز الخضوع للمساءلة وتفعيل إجراءات النزاهة، وذلك من خلال نظم وتشريعات تعزز من دور القضاء ومجلس النواب والأجهزة الرقابية والمجتمع المدني فى مكافحة الفساد وحماية الصالح العام.

فى ضوء ذلك فأن إتاحة حق الإطلاع والحصول على المعلومات فى مجال السياسات التنموية المقترحة وتداولها بين المواطنين تؤثر بشكل مباشر على الحد من انتشار الفساد، كما أنها تساعد على بناء الثقة بين المواطن والحكومة وهو ما يرفع من كفاءة النظام والمواطن على حد سواء، وأخيرا تكرس ثقافة وآليات حرية تداول المعلومات فى المرافق العامة ومؤسسات المجتمع.

المراجع :

  1. ناهد عز الدين، التحليل السياسي واقتراحات دراسة التحول: من الدولة المتدخلة إلى التمكين المتبادل، مجلة النهضة، العدد 2، (كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة: أبريل 2004)، ص ص99-104.
  2. علا الخواجة، الحوكمة من منظور اقتصادي، برنامج التنمٌية الاقتصادية للأجيٌال القادمة في مصر والعالم العربي، الجامعة الأمريكية بالقاهرة، كلية الشئون الدولية والسياسات العامة، برامج تدريب القيادات العليا، في الفترة من 9 إلى 13 أكتوبر 2016.
  3. مصر 2030، ص 2، في الرابط الآتي:
  4. https://goo.gl/7JA8qT
  5. المرجع السابق.
[5] المرجع السابق نفسه، ص 12.
[6] نفسه، ص 22.
  1. ريم عبدالحليم، ماذا يجب أن تحمله قوانين الموازنة العامة للدولة والإدارة المحلية من تعديلات لتتلاءم مع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي نص عليها الدستور المصري في عام 2014، (أوراق سياسات مؤتمر وورشة تدريب مشروع: إصلاح الخدمات العامة في مصر في الفترة من 29 نوفمبر إلى 2 ديسمبر 2015، سلسلة أوراق البدائل، منتدى البدائل العربي للدراسات، د.ت)،ص ص 3-4.
  2. ريم عبد الحليم، البرلمان القادم وتشريعات العدالة الاجتماعية، سلسلة أوراق البدائل، (القاهرة: منتدى البدائل العربي للدراسات، د.ت)، ص ص 3-5.
  3. يحيى شقير، التطور التاريخي لحق الحصول على المعلومات، الجامعة الامريكية بالقاهرة: كلية الشئون الدولية والسياسات العامة، برامج تدريب القيادات العليا، برنامج التنمية الاقتصادية للأجيال القادمة في مصر والعالم العربي في الفترة من 9 إلى 13 أكتوبر 2013، ص 18.
  4. يحيى شقير، حق الحصول على المعلومات في مصر، الجامعة الامريكية بالقاهرة: كلية الشئون الدولية والسياسات العامة، برامج تدريب القيادات العليا، برنامج التنمية الاقتصادية للأجيال القادمة في مصر والعالم العربي في الفترة من 9 إلى 13 أكتوبر 2013، ص 13.
  5. محمد العجاتى (وآخرون)، الشفافية والمرحلة الانتقالية في مصر: إشكاليات وتحديات، في؛ الشفافية: المعايير الدولية والحالة المصرية، (منتدى البدائل العربي وجلوبال بارتنرز أند أسوسيتس، د.ت)، ص 54.
  6. موازنة المواطن: تدعيم المشاركة المجتمعية فى صنع الموازنة العامة للدولة، دراسة أجريت بالتعاون بين مركز الحوكمة التابع للمعهد القومى للإدارة بوزارة التنمية الإدارية ومركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، (د.ت)، ص ص24-25.
  7. مفاهيم وسياسيات الحوكمة فى الأدبيات العربية والغربية، دراسة أجريت بالتعاون بين مركز الحوكمة التابع للمعهد القومى للإدارة بوزارة التنمية الإدارية وبرنامج الديمقراطية وحقوق الإنسان بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، (د.ت)، ص ص29-30.
  8. فؤاد الصلاحي، ثورات الربيع العربي ومطلب العدالة الاجتماعية، فى: أيمن عبد المعطى (مراجعة)، العدالة الاجتماعية: المفهوم والسياسات بعد الثورات العربية، (القاهرة: منتدى البدائل العربي للدراسات ومؤسسة روزا لوكسمبورج، د.ت)، ص ص 103– 105.
  9. عن التنمية بعد ثورات الكرامة العربية، ورقة توصية سياسية خاصة بأعمال مؤتمر ثورات الكرامة العربية الذى عقد فى القاهرة فى يومي 28 و29 أغسطس 2012، (القاهرة: منتدى البدائل العربي للدراسات ومؤسسة هيفوس الهولندية، د.ت)، ص ص 8-9.
  10. الدستور المصري 2014.
  11. ريم عبد الحليم، ماذا يجب أن تحمله قوانين الموازنة العامة للدولة والإدارة المحلية من تعديلات لتتلاءم مع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي نص عليها الدستور المصري فى عام 2014، (أوراق سياسات مؤتمر وورشة تدريب مشروع: إصلاح الخدمات العامة فى مصر فى الفترة من 29 نوفمبر إلى 2 ديسمبر 2015)، سلسلة أوراق البدائل، منتدى البدائل العربي للدراسات، (القاهرة: د.ت)، ص ص 3-4.
  12. التنمية الاقتصادية للأجيال القادمة فى مصر والعالم العربي، أوراق البرنامج التدريبي للقيادات العليا الذى نفذته كلية السياسات العامة والشئون الدولية، الجامعة الامريكية بالقاهرة فى الفترة من 9 إلى 13 أكتوبر 2016.
  13. أندرو بودفات، ريبيكا زاسمر، نحو حكومات منفتحة وتتسم بالشفافية: خبرات دولية وأفضل الممارسات، فى؛ الشفافية: المعايير الدولية والحالة المصرية، (منتدى البدائل العربي وجلوبال بارتنرز أند أسوسيتس، د.ت)، ص 18.
  14. خلود خالد، قراءة فى مشروع قانون حرية تداول المعلومات الجديد، (منتدى البدائل العربي للدراسات، د.ت)، ص ص 3-13.
  15. الحكومة المنفتحة: مفهوم جديد نحو الحكم الرشيد، سلسلة تقارير معلوماتية، العدد (56)، (القاهرة: مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، السنة الخامسة، أغسطس 2011)، ص 7.
  16. أنظر:
OCED (2003), “Open Government: Fostering Dialogue with Civil Society”,  https://goo.gl/Wp75zX
[23] شيماء الشرقاوي، المحليات والمجتمع المدني فى مصر كطريق لإشراك الفئات الأكثر ضعفا، فى: أيمن عبد المعطى (مراجعة)، المجالس المحلية وتمكين المشاركة المجتمعية: نماذج عربية، (القاهرة: منتدى البدائل العربي للدراسات والمعهد السويدي بالإسكندرية، أعمال ورشة بيروت فى الفترة من 25 إلى 28 يوليو 2015، د.ت)، ص ص 138-139.
[24] محمد عبد الهادي، انعكاس الحوكمة على مشاركة المواطنين فى المحليات، مجلة الديمقراطية، العدد 65، (القاهرة: يناير 2017)، ص ص 121-123.
[25] وفاء سمير نعيم، العصبية العائلية والمشاركة السياسية: دراسة حالة فى قرية مصرية، (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2016)، ص ص 154-155.
[26] شيماء الشرقاوي، ومينا سمير، إشكاليات المشاركة من خلال المحليات، سلسلة أوراق البدائل، (القاهرة: منتدى البدائل العربي للدراسات، ، د.ت)، ص ص 3-5.
[27] أيمن السيد عبد الوهاب، المحليات وتعزيز المشاركة الشعبية نحو رؤية وآليات جديدة، أحوال مصرية، العدد 61، (القاهرة: مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، صيف 2016)، ص ص 118-120.
[28] إشراك المجتمع المدني فى تحسين أسلوب الإدارة المحلية، مجلس إدارة برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، نيروبي، 2005، ص 6، فى الرابط التالى:
http://mirror.unhabitat.org/downloads/docs/1667_13580_K0473700.a.doc
[29] المرجع السابق نفسه، ص ص 7-10.
[30] سمير عبد الوهاب، دور الإدارة المحلية فى التنمية المحلية المستدامة فى ضوء الخبرات الدولية، أحوال مصرية، العدد 61، (القاهرة: مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، صيف 2016)، ص 25.
[31] أيمن السيد عبدالوهاب، المحليات وتعزيز المشاركة الشعبية، مرجع سبق ذكره، ص 124.
[32] أنظر فى ذلك:
تعزيز جهود الشفافية والنزاهة، لجنة الشفافية والنزاهة بوزارة الدولة للتنمية الإدارية، التقرير الثالث، 23/ 3/ 2010، ص ص 10 – 56.
فى الرباط التالي:
https://goo.gl/zTb9tF
وأيضا؛ أحمد حلمى مجاهد (وآخرون)، نحو تعزيز حرية تداول المعلومات فى مصر، مركز شركاء التنمية، ص ص 20 – 21.
فى الرابط التالى:
https://goo.gl/AfQ9uu
وأيضا؛ حرية المعلومات والشفافية فى مصر، مركز المشروعات الدولية الخاصة، سلسلة أوراق سياسات تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، ص ص 23 – 27.
فى الرابط التالى:
 http://www.cipe-arabia.org/files/pdf/AR-ACCESS-TO-INFO.pdf.
نسخ رابط مختصر

مواضيع

شارك !

الأكثر قراءة

محتوى ذو صلة

القائمة