رؤية عربية : بعد إعادة ترحيل اللاجئين السوريين من اليونان إلي تركيا

انطلقت أمس الأول الاثنين أول عبارة تركية تقل علي متنها أول دفعة من اللاجئين من اليونان إلي تركيا مدشنة بذلك تطبيق الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة للحد من تدفق اللاجئين إلي أوروبا. ومن المتوقع أن يتم إعادة 750 لاجئ إلي تركيا حتي اليوم في المرحلة الأولي من الترحيل. وهو الأمر الذي تنتقده منظمات حقوقية كثيرة ويرونه ينافي كل القيم الانسانية التي يدعو إليها الاتحاد الأوروبي.
وهناك غموض يكتنف مصير اللاجئين بعد عودتهم إلي تركيا مرة أخري . فبعد دخول الاتفاق الأوروبي التركي حيز التنفيذ وموافقة البرلمان اليوناني علي تمرير قانون يسمح بإعادة اللاجئين الذين تدفقوا إليها بشكل غير شرعي إلي تركيا يواجه هؤلاء مصير مرعب خاصة بعد تكبدهم رحلات طويلة تجرعوا خلالها الألم وفقد بعضهم فيها من كان يرافقه حتي وصلوا إلي تركيا ومنها إلي اليونان عبر بحر إيجه. وتلاشي حلمهم بالوصول إلي أوروبا بسبب غلق الأخيرة سواحلها أمامهم.
قضية تدفق اللاجئين وخاصة السوريين إلي دول أوروبا سببت كثيراً من الذعر لها وتعاملت معها بقسوة كبيرة. فقبل يومين مرر بالفعل البرلمان اليوناني قانوناً وافق عليه 169 نائباً من اجمالي 300 عضو يسمح بإعادة اللاجئين مرة أخري إلي تركيا . وبمقتضاه ناشدت المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة جميع أطراف الاتفاق الأخير بين الاتحاد الأوروبي وتركيا علي توخي الحذر وإيجاد كافة الضمانات قبل عودة أي لاجئ من اليونان إلي تركيا. وكانت اليونان قد اضطرت لاستضافة اللاجئين بسبب الحدود المغلقة في أماكن أخري في أوروبا فهناك حاليا حوالي 51 ألف لاجئ ومهاجر في اليونان . 5000 منهم في الجزر و 46 ألفاً آخرين علي البر الرئيسي.
وتسببت الحرب في سوريا والتي امتدت علي مدي الخمس سنوات الماضية في إجبار 4.8 مليون سوري علي اللجوء إلي البلدان المجاورة وتوجه مئات الألاف من السوريين إلي أوروبا كما تسببت في نزوح 6.6 مليون شخص داخل البلاد. وتستضيف لبنان وحدها أكثر من مليون لاجئ سوري بمعدل لاجئ لكل أربعة مواطنين. ووفقاً للتقديرات فإن 70% منهم يعيشون تحت خط الفقر الوطني. بينما في أوروبا تبلغ نسبة اللاجئين أو المهاجرين واحد لكل 500 مواطن وذلك بعد السماح بتدفق مليون شخص يبحثون عن مأوي هرباً من الحرب والاضطهاد في 2015.
وأظهرت البيانات التي أصدرتها مفوضية شئون اللاجئين أن مجموع اللاجئين عبر البر والبحر إلي اليونان منذ يناير العام الماضي وصلوا إلي مليون و 357 شخصاً بما فيهم الواصلون عبر البحر المتوسط من خلال ايطاليا. ويعد عدد الأشخاص المهجرين بسبب الحرب والصراع هو حاليا الأكبر الذي تشهده أوروبا الشرقية والوسطي منذ أزمة البلقان عام 1990.
وعلي الرغم من ذلك فقد دعا بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة المجتمع الدولي بأن يتحمل مسؤلياته تجاه اللاجئين ويعيد توطين 480 ألف لاجئ سوري موجودين في أوروبا. وربما لم تجد هذه الدعوات صدي لها إلي اليوم.
ويري د. ولاء جاد الكريم مدير عام مؤسسة شركاء من أجل الشفافية أن قضية اللاجئين السوريين استخدمت في المعادلة السياسية بين تركيا والاتحاد الأوروبي وهناك قناعة بأن تركيا باعت اللاجئين السوريين وقبضت الثمن في ظل تواطوء أوروبي واضح حيث حصلت تركيا 6.3 مليار يورو مقابل وقف تدفق اللاجئين علي أراضيها بما يعني اتخاذ إجراءات قمعية تتنافي مع القانون الدولي وإعادتهم مرة أخري إلي مناطق النزاع في سوريا.
يضيف: إيقاف تركيا لتدفق اللاجئين يتنافي مع حقوق الانسان الدولية . فتركيا ابتزت الاتحاد الأوروبي و الأخير استجاب لهذا الابتزاز. ويمكن القول بأنه نسي أو تغاضي عن كل ما يقال عن حقوق الانسان. والحل الوحيد لهذه القضية هو أن تلعب أوروبا دوراً فاعلاً وعادلاً في القضية السورية . فسوريا ليست آمنة حتي يتم إرجاع اللاجئين إليها خاصة أن هناك نزاعاً بين الفصائل السورية المختلفة سواء النظام أو جبهة النصرة أو داعش. ولكل فصيل من هؤلاء من يسانده بالمال والسلاح والعتاد لذلك يجب أولاً العمل علي وقف القتال في سوريا وحدوث انتقال سلمي للسلطة . ووقف توريد السلاح للفصائل المتصارعة هناك. وأيضاً وقف تصدير المشكلة السورية للدول العربية. فاليوم يتحدثون عن توطين لللاجئين السوريين في لبنان. وإلي أن يحدث كل ذلك علي أوروبا أن تتحمل مسؤلياتها في استيعاب اللاجئين السوريين. الجمهورية 

مواضيع

شارك !

الأكثر قراءة

محتوى ذو صلة

القائمة