بعد الأزمة الأخيرة بفتح القضية “173 تمويل أجنبي” مرة أخرى واتهام عدد من المنظمات الحقوقية بتلقي تمويل أجنبي من جهات غير معلومة والتحقيق مع مؤسسيها، أعادت القضية إلى الأذهان ما واجهته المنظمات الأهلية والمدنية طوال الفترة الماضية من تضييق وتقييد لعملها كان أبرزه منع حقوقيين من السفر والتحقيق مع بعضهم وهو ما جعل المجتمع المدني في حصار يحتاج إلى حلول للخروج من أزمته.
تضييق
وواجه عدد من الحقوقيين المنع من السفر وكان أبرزهم الحقوقي جمال عيد، رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، حين تم منعه أثناء توجهه لرحلة عمل أثناء تواجده في المطار دون إبداء أسباب، فيما قال عيد لمصراوي أن السبب كما تم ابلاغه به هو اتهامه في قضية لا يعلم هو نفسه شيئا عنها، كما تم منع الشاعر عمر حاذق من السفر من قبل سلطات المطار أثناء توجهه لاستلام جائزة حرية التعبير من مهرجان “كتاب بلا حدود” بهولندا بعد خروجه من السجن، ومُنع الحقوقي محمد لطفي، مدير المفوضية المصرية للحقوق والحريات أيضا من السفر لألمانيا لإلقاء كلمة أمام البرلمان الألماني والذي أُرجع وقتها لكونه صوت من أصوات المعارضة، كذلك منع حسام بهجت، مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، من السفر
فيما تعرض عدد آخر من الحقوقيين للتحقيق بسبب نشاطهم الحقوقي فتم التحقيق مع الحقوق نجاد البرعي، مؤسس المجموعة المتحدة، بعد وضعه لمشروع قانون بناهض التعذيب، بالإضافة إلى الإعلان عن أسماء مؤسسات حقوقية متهمة في القضية 173 كان من ضمنهم مزن حسن، مؤسس مركز نظرة للدراسات النسوية، والتي أكدت بعد التحقيق معها أن المركز منذ إنشاءه يعمل في النور وعلى مرأى ومسمع من الجميع ولا يتلقى أية أموال لا تعلم الدولة بها.
ولم يقتصر الأمر على المنظمات المستقلة فقط بل نال المجلس القومي لحقوق الإنسان جانب من التضييق تمثل في زياراته للسجون التي كانت دائما بإخطار مسبق لقطاع السجون، رغم طلبات عديدة من المجلس لجعل الزيارات مفاجئة حتى يمكنه التأكد مما يُثار عن وجود تعذيب داخل السجون، بالإضافة إلى طلباته بتمكينه من زيارة الزنازين والذي كان ممنوع أيضا في زياراته السابقة، والذي قال عنه عضو المجلس كمال عباس أن قرار منعهم في أحد الزيارات جاء “لعدم إثارة السجناء”.
رفض دولي
في رسالة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، قال إنه يشعر بالقلق تجاه وضع حقوق الإنسان في مصر، خاصة بعد أن فتحت الحكومة المصرية ملف المنظمات الحقوقية غير الحكومية، مؤكدا أن التحقيق في هذه القضية مرة أخرى من أجل تخويف المعارضة السياسية والناشطين الحقوقيين والصحفيين، مطالبا الحكومة بالتعاون مع هذه المنظمات من أجل خدمة حقوق الإنسان، والسماح لهذه المنظمات بالعمل بحرية وتخفيف القيود عنها.
فيما قال المتحدث باسم الخارجية الألمانية إن بلاده تتابع بقلق قرارات المنع من السفر الأخيرة، كذلك تجميد حسابات وإجراءات تضييق ضد ناشطين ومنظمات في مصر من المدافعين عن حقوق الإنسان، لافتا إلى أن ما يحدث يتعارض مع مواد الدستور المصري، وليس فقط المعايير الدولية.
خروج من الأزمة
في ظل هذه العقبات أصبح المجتمع المدني في حاجة لحلول تساعده على الخروج من الأزمة، ولكي يفلح ذلك لابد من تعاون بين هذه المنظمات والدولة حسبما يقول الحقوقيون.
ففي مقال له يقول حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن المشكلة الحقيقية التي يواجها المجتمع المدني هي القانون المنظم لعمل المنظمات وهو يحتاج إلى تعديل وأهم البنود به والتي تتمثل في ضرورة أن يكون تسجيل المنظمات بالإخطار لتشجيع الأفراد في إنشاء جمعيات تساعد في دعم حقوق الإنسان، وكذلك إزالة القيود على العمل الأهلي ومنع التدخل في شئونه، وكذلك توفير مصادر لتمويل هذه المنظمات داخليا أو خارجيا.
فيما رأى محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، أن الوضع في مصر تأزم، والدولة أمامها خيارين إما أن تأخذ قرار بالعمل على تحسين الأوضاع أو تظل كما هي وتعيش مثل دول كثيرة لا تهتم بحقوق الإنسان.
وأضاف لمصراوي، أن الحل الوحيد في يد الحكومة حيث أنها المسؤولة عما يحدث، والمشكلة ليست في المجتمع المدني ولكن في الدولة التي وعدت كثيرا بوضع أفضل للمنظمات الأهلية ولم تنفذ وعدها، لافتا إلى أن الدولة أيضا لا تريد مجتمع مدني، وبغض النظر عن ضرورة توافر قانون جيد للمنظمات، والنظر في توصيات المراجعة الدورية الشاملة بخصوص حقوق الإنسان، حماية النشطاء، إلا أن كل ذلك لن يفيد إلا بوجود نية لتحقيق وضع أفضل للمجتمع المدني.
واستشهد زارع بقانون 84 المنظم للجمعيات والذي ينص على أن وزارة التضامن الاجتماعي هي المشرف على المنظمات الأهلية، قائلا إن هذا لا يحدث وفي الحقيقة هناك جهات أمنية هي من تشرف على عمل هذه المنظمات وليست الوزارة.
وقال ولاء جاد الكريم، مدير مؤسسة شركاء من أجل الشفافية، إنه على الحكومة ألا تعطي الفرصة لتوظيف الملف الحقوقي في القضايا السياسية، وأن الحلول للأزمة تكمن في فتح المجال العام للحريات وتعديل قانون العمل الأهلي، والتوقف عن الممارسات السلبية ضد المجتمع المدني.
وأضاف لمصراوي، “احنا غير راضيين عن تصرف الحكومة ضد المجتمع المدني، وجميع المنظمات الحقوقية لديها تحفظات على حالة حقوق الإنسان”.مصراوى
الرابط المختصر: https://pfort.org/ar/?p=894